إعداد: راشد النعيمي
قرر الشقيقان تريم عمران، وعبدالله عمران، طيب الله ثراهما، ركوب الصعاب قبل أكثر من خمسين عاماً، وصمما على التحدي، وأسسّا صحيفة أصبحت مع الأيام صوتاً هادراً يجلجل في المنطقة والعالم العربي، حاملة هموم الأمة وشاهدة على كل ما جرى في المنطقة، وحولها، قادرة على التمييز بين الحق والباطل، وبين الغث والسمين، وبين الثوابت القومية والوطنية، وبين الزيف والخداع والباطل.
منذ أن أبصرت «الخليج» النور في العام 1970 على يد المرحوم تريم عمران تريم وأخيه المرحوم الدكتورعبدالله عمران تريم، جسّدت رسالة إعلامية آمن بها أصحابها، تبلورت حول قيام مشروع وحدوي في الخليج بعمق عربي وانتماء قومي، وترسيخ الهوية الحضارية العربية والإسلامية، والتأكيد المستمر على الذاتية الثقافية العربية، فضلاً عن طرح أفكار للنهوض والتنوير والمعرفة والحريات العامة.
مناصرة الحق
وتجلّت رسالتها منذ أن صدر العدد الأول منها يوم الاثنين 19 أكتوبر/ تشرين أول 1970 في الدفاع عن كل القضايا الوطنية والقومية ومناصرة الحق في كل مكان، لتمثل «الخليج» انطلاقة مميزة في العمل الصحفي، مكّنتها من وضع بصمتها الصحفية وتعميم رسالتها الإعلامية على نطاق واسع. وترتكز «الخليج» إلى تاريخ عريق، وحافل بالإنجازات، وتمثّل نموذجاً للصحافة المسؤولة التي تُعلي قيم المصداقية، والموثوقية، وتتناول الموضوعات بمهنية، وحيادية، هدفها الأول والأخير مصلحة الوطن، والمواطن، كما تجلّت رسالتها في الدفاع عن كل القضايا الوطنية، والقومية، ومناصرة الحق في كل مكان، لتملأ فراغاً في الحقل الصحفي في المنطقة، على مدار سنوات الاحتلال البريطاني.
الكلمة الموثوقة
لم تتزحزح جريدة «الخليج» يوماً عن مواصلة أدائها المشهود في الساحة الإعلامية، بالكلمة الموثوقة، والاحترافية المهنية، والموضوعية التامة، خلال الأزمات والطوارئ التي مرّ بها العالم أجمع، وشهدها على مدار السنوات الماضية، لاسيما الأزمة المالية العالمية، وما سمي ب«الربيع العربي» وبعدها جائحة «كورونا»، من دون أن تميل يمنة أو يسرة لتغليب جهة على أخرى، أو إعلاء أحد على حساب أحد.
وسجّلت «الخليج» خلال تلك المراحل، تميزاً لافتاً في تناول مجريات الأحداث ببراعة فائقة، من حيث الصدقية في طرحها، والتوازن في مناقشتها، مع تهدئتها المخاوف المجتمعية من تداعيات تلك الكوارث، وانعكاساتها الاقتصادية، ومخاطرها الاجتماعية.
الصدور الأول
منذ صدورها الأول قبل 54 عاماً تأكّدت منهجية العمل والرؤية الثاقبة للجريدة من خلال العمود الأول لهيئة التحرير بعنوان: «من أجل الخليج» قائلاً: سنحرث الأرض لنبدأ من تحت، من الجذور العميقة، نتحاور.. نتجادل، نختلف، لا مانع، لكن، لنسلم بأننا جميعاً كيان واحد، كان ولابد له أن يكون، ولا شيء غير وحدتنا لضمان بقائنا، وبقاء الأرض راسخة تحت أقدامنا».
وكان هاجس المؤسسَيْن هو الوحدة التي رأيا فيها المخرج للتأزم وللحظة الحرجة التي تعيشها المنطقة، كان الاتحاد هو المحور الرئيسي في مختلف الكتابات، وكان الوطن هو الحافز.. والتحقق هو الشغف المتواصل والأصيل.. كانت الرؤية تزداد عمقاً.. ورغبة الاتحاد تزداد إصراراً لدى قادة إمارات الخليج.
وهكذا سنّ الشقيقان تريم عمران تريم والدكتور عبد الله عمران تريم، هدفهما واستراتيجية عملهما عند إصدار الجريدة لتكون صوتاً عروبياً واعياً بالمرحلة وما تكتنفه من مخاطر، فلم تكن أخبار منطقة الخليج مسموعة لدى الأشقاء في مختلف الدول العربية، ولم يكن هناك صوت إعلامي وطني يطرح القضايا ويضيء الطريق لأبناء المنطقة وزيادة الوعي ليتخذوا خطواتهم الأولى نحو التحرر.
مخاض الولادة
عايشت «الخليج» مخاض ولادة دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم واكبت بزوغ فجر الاتحاد على يد الآباء المؤسسين، وكانت شاهدة على كل الإنجازات التي تحققت، وشاركت في تعزيز فكرة الاتحاد كخيار لا بد منه.
الشأن الخليجي والعربي
كما اهتمت بالشأن الخليجي والعربي وطرحت فيه مختلف القضايا بجرأة وحيادية وصوت لا يهادن حيث كانت أجواء المنطقة مشحونة بالتوتر، وكان عليها التمسك بعهدها ومصداقيتها وإيمانها بالدفاع من أجل قضية العرب «القضية الفلسطينية» فتارة نجد «الخليج» على جبهة القتال وسط المناضلين، وتارة نجدها وسط اجتماعات رؤساء عرب، وأخرى نجدها في أروقة الحدث ومتون الحكايا.
ومواكبة للأحداث العالمية، خصصت الجريدة باباً لترجمات الصحف العالمية من أخبار مهمة سواء متعلقة بالمنطقة العربية أو أخبار عالمية قد تنعكس بشكل أو بآخر على المنطقة.
داعم قوي
كانت «الخليج» وما زالت، داعماً قوياً لحكومة الإمارات، ورديفاً تنويرياً للمجتمع، بإجرائها الكثير من الملفات الصحفية والتحقيقات والحملات التوعوية، التي أبرزت الجهود الحكومية المتميزة، في إدارة الأزمة المالية العالمية، بقرارات ريادية، وخطط مدروسة، أسهمت في الخروج منها بسلام، وعبورها بأمان، وبذلك كان دور «الخليج» الصحفي، مشهوداً في تعزيز أجواء الاطمئنان المجتمعي، الذي وفرته الدولة خلال تلك الأزمات، دونما مخاوف، أو قلاقل.
مسيرة متواصلة
ولا تزال «الخليج» تواصل مسيرتها البارزة في التعامل مع المجريات بتميّز مهني، وتفرّد بأخبار وتقارير، فيما إذا تطرقنا تفصيلياً لأسلوب تعاملها الإعلامي مع الأزمات، نجد أنها في عام 2008 بدأت الأزمة المالية العالمية، بسبب انهيار سوق العقارات في الولايات المتحدة، وانتشار أزمة الرهون العقارية، وسريعاً تحولت إلى أزمة عالمية أثرت في اقتصادات الدول بشكل كبير. وكان للأزمة كثير من الآثار السلبية في الواقع الاجتماعي، جراء فقدان الكثير وظائفهم، وارتفاع كلف المعيشة، ومن ذلك بعض المؤسسات الإعلامية التي تأثرت اقتصاديا بها.
ووقفت «الخليج» راسخة ثابتة، لم تهتز أو تضعف، أو تتوقف يوماً عن مواصلة المسيرة، وتعاملت مع الأزمة بكثير من الملفات الصحفية الشمولية، التي ركزت على تداعياتها، وتأثيراتها في الاقتصاد العالمي والإقليمي، والدول الخليجية، وكان مما تناولته كيفية تأثر الإمارات بانهيار الأسواق المالية العالمية، والخطوات التي اتخذتها الحكومة لتعزيز استقرار البنوك وتقديم حزم إنقاذ.
أزمة «كورونا»
ومرّت السنوات و«الخليج» تواصل تقدمها، بلا تخاذل من أي نوع، أو تراجع، وتقاعس، فالحماسة لم تفارق خطوات مسيرتها البارزة على الساحة الإعلامية، إلى أن حلت جائحة «كورونا» في ديسمبر 2019، حين تسجيل أولى حالات الفيروس المستجد، في مدينة ووهان بالصين، وبسرعة كبيرة، انتشر في مختلف دول العالم، وأعلنت منظمة الصحة العالمية في مارس 2020 أن الجائحة أصبحت عالمية.
وهنا أُسقط في يد الجميع عن كيفية مواجهة هذه الكارثة، عدا حكومة الإمارات بمؤسساتها المعنية كافة، حيث قدّمت دروساً مستفادة للجميع عن كيفية إدارة هذه الأزمة، وعبورها بسلام، بإجراءات عدة غير مسبوقة، وخطط ريادية، وساندها إعلامها الواعي، الذي تصدرته صحيفة «الخليج»، بتعزيز الجهود، ودعم الخطوات الحكومية، بكثير من الموضوعات، والتقارير، والتغطيات، والأعمدة.
وكرّست «الخليج» إجراءات الإمارات في مواجهة الجائحة واحتوائها، بعدد من الملفات الصحفية البارزة.
ولا تنسى الضغط هنا ومتابعة قناتنا على تليجرام
0 تعليق