أبوظبي: عماد الدين خليل
يحتفل العالم باليوم العالمي لشلل الأطفال في 24 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، بهدف رفع الوعي المجتمعي حول هذا المرض والتأكيد على أهمية القضاء عليه وتسليط الضوء على مجموعة الجهود والمبادرات المحلية والإقليمية والدولية لتحقيق هذا الهدف.
وحققت دولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مكانة رائدة عالمياً في جهود استئصال مرض شلل الأطفال، حيث تؤدي دوراً محورياً في دعم وتوفير لقاحات شلل الأطفال المنقذة لحياة ملايين الأطفال الضعفاء الذين يصعب الوصول إليهم على مستوى العالم، وتواصل جهودها الحثيثة للقضاء على شلل الأطفال نهائياً، والتعاون مع الدول والشركاء الصحيين لحماية الأطفال في كل مكان من تهديد هذا المرض.
قدم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، منذ عام 2011 مبلغ 381 مليون دولار، مساهمة من سموه في الجهود الإنسانية والخيرية لتوفير اللقاحات وتمويل حملات التطعيم، لدعم الجهود العالمية في مكافحة مرض شلل الأطفال، وذلك من خلال المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال وحملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال، ويتم صرف التمويل عبر مبادرة «بلوغ الميل الأخير»، وفي عام 2023 وحده، أسهم هذا التمويل في توصيل 320 مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال على مستوى العالم، بما في ذلك توصيله إلى الدول التي تشهد تفشياً للمرض.
وتضم مبادرة بلوغ الميل الأخير مجموعة من البرامج الصحية العالمية التي تعمل من أجل مكافحة الأمراض المعدية، والمدعومة من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتوفر المبادرة العلاج والرعاية الوقائية في المجتمعات التي تفتقر للخدمات الصحية الجيدة، مع التركيز بشكل خاص على المراحل النهائية (الميل الأخير) من القضاء على الأمراض، وتعد مبادرة بلوغ الميل الأخير من المبادرات الرائدة التي تدعم اليوم العالمي لشلل الأطفال، وتحتفي بقيادة دولة الإمارات في مجال الصحة العالمية والتنمية.
مكافحة شلل الأطفال في غزة
في سبتمبر/أيلول 2024، وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتخصيص 5 ملايين دولار لدعم حملة تطعيم حاسمة ضد شلل الأطفال في غزة، وتهدف الحملة إلى توفير جرعتين من لقاح شلل الأطفال لأكثر من 640000 طفل غزي تحت سن العاشرة، وذلك خلال فترتين امتدت كل منهما إلى 12 يوماً في شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول. ونجحت الجولة الأولى من الحملة، التي جرت بين 1 و12 سبتمبر/أيلول 2024، في تطعيم 559161 طفلاً غزياً، وتم تنفيذ الحملة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، واليونيسف، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وشركاء آخرين، وذلك بعد اكتشاف فيروس شلل الأطفال في غزة في شهر يوليو من عام 2024.
وأكدت منظمة الصحة العالمية في 23 أغسطس، أن طفلاً واحداً على الأقل في غزة قد أصيب بالشلل نتيجة الفيروس من النوع 2، وهو أول حالة من نوعها في المنطقة منذ 25 عاماً.
التطعيم في باكستان
تعد حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال، في باكستان جزءاً من المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، حيث تعمل بالتعاون مع حكومة باكستان على مكافحة شلل الأطفال، ومنذ عام 2014، قدمت حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال أكثر من 750 مليون جرعة من اللقاح، مع التركيز على الوصول إلى الأطفال في المجتمعات النائية التي يصعب الوصول إليها.
وتعتمد حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال على مشاركة أكثر من 103000 عامل في الخطوط الأمامية، وتشكل النساء أكثر من نصف هذا العدد، ويسهمن بدور حيوي في كسب ثقة المجتمعات المحلية، ومواجهة المعلومات الخاطئة بشأن اللقاحات، وزيادة الوعي بمخاطر شلل الأطفال.
وفي عام 2019، استضافت أبوظبي فعالية للإعلان عن التبرعات، جُمع من خلالها مبلغ 2.6 مليار دولار لصالح المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، حيث أكد المانحون من الدول المعنية والمحسنون وشركاء الصحة العالمية التزامهم مشترك نحو تحقيق عالم خالٍ من شلل الأطفال.
حقائق وأرقام
ويعد شلل الأطفال من الأمراض الفيروسية شديدة العدوى، وقد كان يؤثر بشكل مأساوي في حياة مئات الآلاف من الأطفال حول العالم، وقبل ثلاثين عاماً فقط كان شلل الأطفال منتشراً في أكثر من 125 دولة، مسبباً الشلل لما يقرب من 1000 طفل يومياً، واليوم، أحرز العالم تقدماً هائلاً في مكافحة شلل الأطفال، بفضل الجهود العالمية في التطعيم التي استهدفت أكثر من 3 مليارات طفل في أنحاء العالم، وانخفضت حالات فيروس شلل الأطفال البري بنسبة مذهلة بلغت 99%، واليوم يتمتع أكثر من 20 مليون شخص بقدرتهم على المشي، بينما كان من الممكن أن يحرموا هذه النعمة لولا هذه الجهود العظيمة.
وفي عام 2020، أعلنت إفريقيا أنها خالية من فيروس شلل الأطفال البري، وهو إنجاز غير مسبوق في مجال الصحة العامة ويعكس عقوداً من العمل عبر 47 دولة إفريقية، واليوم، تعد باكستان وأفغانستان الدولتان الوحيدتان اللتان تعانيان جائحة شلل الأطفال البري، ومع ذلك، كانت هناك زيادة حادة في الحالات هذا العام. في عام 2023، تم الإبلاغ عن 12 حالة فقط من فيروس شلل الأطفال البري، في حين تم اكتشاف 39 حالة في باكستان، و18 حالة على الأقل في أفغانستان، حتى 22 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
شلل الأطفال البري
ويحتفي اليوم العالمي لشلل الأطفال هذا العام بالتقدم المحرز، وتجاوز التحديات، وتحقيق هذا المشترك المتمثل في عالم خالٍ من شلل الأطفال، ويسعى إلى تعزيز الوعي المجتمعي حول شلل الأطفال، والاحتفاء بدور دولة الإمارات الرائد والمستمر في مجال الصحة العالمية.
وبفضل جهود العاملين في مجال الصحة والحكومات والممولين والشركاء في الصحة العالمية، انخفضت حالات فيروس شلل الأطفال البري من نحو 350000 حالة على مستوى العالم في عام 1988 إلى 12 حالة في عام 2023، وتم القضاء على سلالتين من أصل ثلاث سلالات من فيروس شلل الأطفال البري على مستوى العالم، ولا تزال السلالة المتبقية تنتشر في بلدين فقط: باكستان وأفغانستان.
ويُظهر هذا التقدم أن استئصال شلل الأطفال ممكن وهو إنجاز من شأنه أن يجعل شلل الأطفال ثاني مرض بشري في التاريخ يُقضى عليه بعد الجدري، ويتركز شلل الأطفال اليوم في بعض أكثر البيئات تعقيداً التي يصعب فيها تقديم الرعاية الصحية الأساسية، وتتنوع التحديات التي تحول دون وصول اللقاحات إلى كل طفل مثل النزاعات وحالات الطوارئ المناخية، ويُذَكّر ظهور شلل الأطفال مجدداً في غزة والسودان واليمن بأنه عندما تتضرر أنظمة الصحة والصرف الصحي، سوف يظهر شلل الأطفال ما لم يتم القضاء عليه تماماً.
ويتطلب إنهاء شلل الأطفال الوصول إلى كل طفل بلقاحات شلل الأطفال، مع التركيز على الأطفال في المجتمعات المتنقلة والمهاجرة، وفي المناطق النائية أو مناطق النزاع، وتعزيز التطعيم الروتيني وهو أفضل دفاع ضد شلل الأطفال إلى جانب استمرار الرصد والمراقبة، والتزام سياسي من الحكومات الوطنية والمؤسسات متعددة الأطراف، إضافة إلى ضمان توفير الموارد المالية اللازمة لإتمام المهمة.
ويُقدّر أن القضاء على شلل الأطفال عالمياً يمكن أن يوفر ما لا يقل عن 40 إلى 50 مليار دولار، معظمها في البلدان منخفضة الدخل، وتلتزم دولة الإمارات بالقضاء على شلل الأطفال عالمياً، وتواصل العمل بالتعاون مع الحكومات والشركاء الصحيين العالميين والممولين لتحقيق عالم خالٍ من هذا المرض.
ولا تنسى الضغط هنا ومتابعة قناتنا على تليجرام
0 تعليق