إعداد: جيهان شعيب
تحتفي الإمارات سنوياً في الثالث من نوفمبر بيوم العلم، لتكريس المناسبة الوطنية الخالدة في تاريخ دولة العزة والكرامة، أرض الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي رفع العلم للمرة الأولى عالياً شامخاً، في 2 ديسمبر 1971، في قصر الجميرا في إمارة دبي، معلناً قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، عقب اجتماع حكام الإمارات السبع، وإعلانه رئيساً.
وتعود فكرة هذه المناسبة إلى اعتماد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في 2012 يوم 3 نوفمبر من كل عام مناسبة وطنية للاحتفاء برمز عزة الوطن وسيادته لتعزيز الوحدة الوطنية، وتكريس الولاء والانتماء للدولة، وقيادتها الحكيمة، وإعادة استذكار الدور الراسخ للآباء المؤسسين في بنائها، حيث سيبقى علم الإمارات عنوان وطن غالٍ، وشعب مخلص، نرفعه عالياً ليبقى خفاقاً.
نريده في السماء
واعتزاز القيادة الكريمة بالعلم، الذي يصادف يوم الاحتفاء به، تاريخ تولى المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، رئاسة الدولة في 3 نوفمبر عام 2004، يتجلى في كلماتهم عنه، حيث مما قاله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله: في يومِ العلم يزداد فخرُنا براية العز والمجد التي تظلنا، ويتعمّق تصميمنا على أن نبقيها دائماً رمزاً عالميّاً للتميز، والتقدم، والتفرد.
ومن قول سموه كذلك: «نُريد أن نراه على بيوتنا، ومزارعنا، ومرافقنا.. نريده في السماء»، وأيضاً قال سموه: «علم الإمارات رمز وحدتنا ومنعتنا وقوتنا، سيظل شامخاً عالياً نستمد منه قيم التضحية، والبناء والعمل».
أمانة تسلمناها
وفي أول احتفالية بيوم العلم، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله: «نجدّد العهد والوعد لشعب الإمارات على خدمته ورفعته.. ولتراب الإمارات على بذل الرّوح من أجله، ولعلم الإمارات على الإخلاص له، وترسيخ مكانته».
وأضاف سموه: «مشاعرنا تجاه علم الدولة لم تتغير منذ قيام الاتحاد، بل زادتها الأيام قوة، ورسوخاً، وشموخاً، ويزيدنا فخراً وارتياحاً أننا نرى هذه المشاعر قوية في أبنائنا، تحركهم وتعطيهم الدافع للبذل، والعطاء في كل الميادين».
ومن قول سموه أيضاً: «علم دولة الإمارات ليس راية مرسومة، أو قماشاً ملوناً، أو رمزاً أو علامة، بل هو قلب ينبض في صدورنا، وحب محفور في أعماقنا، واستعداد للتضحية في سبيله بدمائنا، وعزة، ورفعة، وكرامة ترخص في سبيلها أرواحنا».
قصة العلم
وباستعادة تذكر تفاصيل قصة علم إمارات العزة والفخر، نعود إلى الثاني من ديسمبر عام 1971، تحديداً في قصر الجميرة في دبي، حيث اجتمع أصحاب السمو حُكام الإمارات السبعة، ليُصدروا إقراراً وبياناً خاصاً بانتخاب المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رئيساً للدولة، وإعلان قيام الإمارات العربية المتحدة.
وحينها قام المغفور له برفع علم دولة الإمارات العربية المتحدة للمرة الأولى على سارية العلم الموجودة في قصر الجميرة في دبي، وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحية بهذه المناسبة العظيمة، واستقبل العالم العربي والمجتمع الدولي بعد هذا التاريخ، الإمارات العربية المتحدة دولة ولدت شامخة، وذات سيادة، هدفها الحفاظ على استقلالها وأمنها واستقرارها دوماً.
مع حرص الدولة التام على الدفاع عن نفسها تجاه أي عدوان على كيانها، وحماية حقوق وحريات شعبها، ونصرة القضايا، ومساندة الضعفاء، ومساندة المصالح العربية والإسلامية، ومد يد الصداقة، والتعاون، مع جميع الدول والشعوب على أساس مبادئ وميثاق الجامعة العربية، وميثاق الأمم المتحدة، والأخلاق، والأعراف الدولية.
قيم راسخة
ويجسد الاحتفاء السنوي بيوم العلم، القيم التي قامت عليها الدولة من التضحية، والوحدة، والتضامن، والتلاحم، والطموح، والسلام، وروح المسؤولية، حيث في هذا اليوم ترفع مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، والمنازل، والأندية، والفنادق وغيرها، العلم بفخر على واجهاتها، فتزدان بشموخه، ومكانته الرفيعة.
وأيضاً يرتفع خفاقاً فوق أبراج المراقبة في المطارات، والموانئ البرية، والبحرية الإماراتية، وفوق الأندية، وكذا سفارات الدولة كافة حول العالم، تعبيراً عن رسوخ الاعتزاز بإمارات المبادئ، والأصالة، وتتخلل احتفالات رفع العلم مراسم رسمية، وفعاليات ثقافية، واجتماعية مصاحبة، تعزز جميعها الارتباط بالوطن.
تجديد العهد
وفي يوم الاحتفاء بالعلم، تشهد المدارس، والجامعات، والهيئات المختلفة، أنشطة متنوعة تهدف تذكير أبناء الدولة بالمبادئ الأصيلة التي قامت عليها إمارات الخير، وغرس القيم الوطنية في نفوس الأجيال الصاعدة، وتجسيد أهمية العلم، وترسيخ دوره في توحيد جميع المواطنين تحت رايته بصرف النظر عن اختلافاتهم.
كما يهدف الاحتفاء إلى تجديد العهد والوعد بالإخلاص، والأمانة، وتكريس رفعة الوطن، وتحقيق الأهداف الوطنية، والمضي قدماً في مسيرة البناء والتطوير، وتأكيد التلاحم الوطني، وتكريس قيم الاحترام، والطموحات المشتركة في مواصلة إعلاء شأن الدولة، والحفاظ على مقدراتها، ومضاعفة مكتسباتها.
فعاليات متنوعة
ويتضمن الاحتفاء بيوم العلم، العديد من الفعاليات المبهجة، والحماسية، منها مسيرات وطنية في مختلف أنحاء الدولة، يشارك فيها المواطنون والمقيمون حاملين العلم الإماراتي. كما يجري في العديد منها تنظيم عروض جوية مبهرة للطائرات، ترسم ألوان العلم في السماء، إلى جانب الألعاب النارية في نهاية اليوم احتفالاً بالمناسبة.
وأيضاً تقام احتفالات في المدارس يرفع فيها الطلاب العلم، ويؤدون النشيد الوطني، إضافة إلى تنظيم مسابقات وأنشطة، ومحاضرات تثقيفية لهم للتعريف بأهمية العلم، ودوره في ترسيخ الهوية الوطنية.
كما يجري تشجيع الشباب على المشاركة في أنشطة تطوعية، ومجتمعية في هذا اليوم، كجزء من تعزيز القيم الوطنية، وقيم العطاء، وتُنظم العديد من الشركات، والمؤسسات احتفالات خاصة لموظفيها، تتضمن توزيع الأعلام عليهم، وهدايا تذكارية، فضلاً عن فعاليات ترفيهية.
أرقام قياسية
سجل علم الإمارات خلال السنوات الماضية اسمه في موسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية، محطماً أرقاماً عالمية سابقة، حيث في عام 2013، دخل العلم الموسوعة بوصفه أكبر لوحة فسيفسائية على مستوى العالم مكونة من قطع الرخام، حيث تم صنعها للعلم تحت سطح البحر بمساحة 168 متراً مربعاً، وبزمن قياسي بلغ 4 ساعات فقط، بالتعاون بين عدة جهات في دبي.
في عام 2014، دخل علم الإمارات الموسوعة بتشكيل أكبر علم للدولة بأقلام الرصاص، وذلك في فعالية نفذتها القيادة العامة للدفاع المدني بالإمارات في ساحة قصر الإمارات بأبوظبي، ضمن احتفالات الإمارات باليوم الوطني ال43، واستخدم المشاركون في الفعالية من طلبة المدارس مليون قلم، بواقع 250 ألف قلم لكل لون من ألوان العلم، وعلى مساحة بلغت 1000 متر مربع.
ساحة الشهامة
وفي العام ذاته، جرى تسجيل العلم الإماراتي في «غينيس» بعد أن شكلت 156 حافلة للعلم ضمن مشاركتها في احتفالات اليوم الوطني ال43، وذلك في ساحة الشهامة ضمن فعالية نظمتها دائرة النقل في أبوظبي، كما تم تسجيل رقم قياسي من خلال أكبر علم مُشكل من كرات القدم، باستخدام 6 آلاف كرة تلونت بألوان العلم الأربعة.
وفي عام 2016، نالت الإمارات شهادة من موسوعة غينيس، بعد تحطيم رقم قياسي سابق لأكبر علم دولة مُشكل من تجمع بشري، حيث بلغ عدد الأشخاص المشكلين للعلم 3929 شخصاً، ارتدوا فيه خوذة السلامة في فعالية ضخمة بملعب نادي بني ياس الرياضي في أبوظبي.
جزيرة العلم
في عام 2017، دخل علم الإمارات المرفوع في جزيرة العلم بإمارة الشارقة موسوعة غينيس للأرقام القياسية، باعتباره أكبر علم دولة رُفع على سارية في العالم، حيث بلغ طول العلم 70 متراً وعرضه 35 متراً، وفي العام ذاته، وحطمت شرطة دبي الرقم القياسي المسجل في موسوعة غينيس بتشكيل علم الإمارات بأكبر عدد من السيارات، وذلك بمشاركة 143 سيارة.
وفي عام 2018، نجحت «سكاي دايف دبي» في تصميم علم الإمارات بمقاييس تُعد الأضخم في العالم، حيث وصل عرض العلم إلى 50.76 متر، أما الطول ف96.25 متر، والمساحة الإجمالية 4885.65 متر مكعب، في ما بلغ طول العلم 2020 متراً -2 كيلومتر و20 متراً - ووصل عدد الأشخاص المشاركين في حمله 5000 من 58 جنسية حول العالم. وحققت القيادة العامة لشرطة دبي عام 2019 إنجازاً بدخول علم الإمارات موسوعة غينيس للأرقام القياسية، في رقمين قياسيين: أطول علم في العالم، وأكثر عدد من الأشخاص يحملون علماً.
في عام 2020 سجلت القرية العالمية في دبي رقماً قياسياً في موسوعة غينيس بتجميع أكثر من 1000 علم من أعلام الإمارات لتحقيق الرقم القياسي لأكبر رقم مجمَّع باستخدام الأعلام في العالم، التي شكلت رقم 49.
معانٍ عميقة
«تمثل ألوان العلم الإماراتي الأربعة، العديد من المعاني العميقة، الأصيلة، المعبرة، التي ترتبط بالوحدة، والقوة، والشجاعة، حيث يرمز اللون الأخضر إلى الأمل، والتفاؤل، والنماء، والازدهار، والأبيض إلى السلام، والخير، والعطاء، والأسود إلى قوة العزم، والشجاعة، وقوة العقل، والأحمر إلى الجرأة، والشجاعة، والتضحية من أجل الوطن.
ويذكر أن السفير عبد الله محمد المعينة، هو مصمم علم الدولة، الذي اختير من بين 1030 تصميماً، في مسابقة أجريت بإشراف الديوان الأميري ودائرة الإعلام في حكومة أبو ظبي، وفاز التصميم الذي أعده المعينة.
وتوزعت ألوان العلم، فالأحمر على طرف العلم القريب من السارية، والأخضر والأسود والأبيض، تتوزع على مساحة العلم، بأقسامه الأربعة المستطيلة الشكل، واستند فيها المصمم إلى ألوان الوحدة العربية التي تمثل بيتي الشعر الشهيرين للشاعر العربي صفي الدين الحلي:
بيض صنائعنا خضر مرابعنا.. سود وقائعنا حمر مواضينا».
ويسرد السفير المعينة قصته مع تصميم علم الإمارات، وذلك عندما وقعت عيناه على إعلان لإحدى المسابقات الخاصة بالعلم الإماراتي في إحدى الصحف المحلية في أواخر سنة 1971، وكانت المسابقة أوشكت على الانتهاء وباقي من الزمن المعلن عنه ثلاثة أيام فقط، ويتم إغلاقها، فلم يتردد في التقديم إلى المسابقة، بتصميمه للعلم الإماراتي.
وذهب لشراء الأدوات الخاصة برسم التصميم الذي انتهى منه بعد قضاء ليلة كاملة لم يذق فيها النوم، بعد تصميمه لستة نماذج مختلفة من العلم.
فوق الأعالي
حرصت الإمارات ما بين الحين والآخر على رفع سارية العلم فوق قمم مختلفة، حيث بعد أن جرى الإعلان عن فوز الإمارات بتنظيم مهرجان إكسبو 2020 قام سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع برفع العلم من فوق برج الخليفة بدبي.
في سنة 2016 تم رفع العلم من فوق قمة إيفرست، بعد أن نجح الجيش الإماراتي بتسلق قمة الجبل الأعلى في العالم بطول يبلغ 8848 متراً، ووضع علم الإمارات عليه.
في عام 2010 وتزامناً مع الاحتفال باليوم الوطني للإمارات، رفع الضابط الإماراتي المقدم «صلاح سالم الحبسي» العلم على قمتي «تشويو» التي تقع على ارتفاع 8000 متر، و«ميره» على علو يصل إلى حدود 6700 متر، اللتين ضمن سلسلة جبال هيمالايا الثلجية، وتصل درجة الحرارة عليهما إلى نحو 25 درجة مئوية تحت الصفر. تمكن المغامر الإماراتي «سعيد المعمري»، من إتمام رحلة التسلق ورفع علم الإمارات فوق قمة «فينسون» التي تُعد سادس أعلى قمة في العالم، ورفع «المعمري» أيضاً علم الإمارات في مركز الكرة الأرضية الجنوبي في القطب الجنوبي.
في يوليو 2016 نجح «ياسر البهزاد» - أحد موظفي دبي – في الوصول إلى جبال القفقاس في روسيا ورفع علم الإمارات، فضلاً عن رفع العلم في مقر هيئة الأمم المتحدة بعد أن تم الإعلان عن عضوية الدولة رقم 132، وكذا في مقر جامعة الدول العربية، وغير ذلك، ما يؤكد قيمة ومكانة علم الدولة.
موقف سامٍ
تزامنت مناسبة «يوم العلم»، مع فعاليات معرض الشارقة الدّولي للكتاب في دورته ال 32، وحينذاك شهد المشاركون في المعرض وزواره، موقفاً سامياً راقياً، ورائعاً، من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث وجه سموه برفع علم الإمارات على جناح وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، كما وجه بأن يرفع العلم على معظم أجنحة المعرض.
وعكس هذا المشهد الوطني، كثير من المعاني المهمة، والدلالات الحكيمة، التي تصب في الحرص على التمسك بالهوية الوطنية، وغرس مفاهيم الانتماء والولاء في نفوس المواطنين والمقيمين، ولفت انتباه الوفود الزائرة والمشاركة من جنسيات مختلفة، إلى أهمية العلم والحدث، بالنسبة لشعب وقيادة الإمارات.
بروتوكول
وضعت وزارة شؤون مجلس الوزراء بروتوكولاً للتعامل مع العلم، حفاظاً على هيبته ومكانته الرفيعة، تتضمن الآتي:
استخدم دائماً العلم النظيف والمكوي.
استبدل العلم بشكل دوري لضمان احتفاظه بألوانه ورونقه.
استبدل العلم في الحال إذا تعرض للتمزق، أو التلف، أو تغير الألوان وزوالها.
افحص العلم قبل كل مرة تقوم فيها برفعه، للتأكد من أنه غير تالف، أو باهت اللون أو ممزق.
افحص العلم بعناية بعد هبوب العواصف القوية، أو عند حدوث التقلبات المناخية المختلفة، للتأكد من سلامته، ومن عدم التفافه بطريقة تمنعه من الرفرفة بحرية. يجب مراعاة أن يتم إنزال العلم ببطء، ثم يطوى ويربط، بحيث لا يتدلى أي من أطرافه ويلامس الأرض. استبدل العلم فوراً في حال تلفه أو تمزقه مهما كانت نسبة الضرر فيه. تخلص من الأعلام التالفة، بقصها إلى قطع صغيرة بحيث لا تعود تمثل شكل العلم، ولا تدل على أنها كانت تمثله فيما مضى.
ولا تنسى الضغط هنا ومتابعة قناتنا على تليجرام
0 تعليق