أبوظبي: ميرة الراشدي

يبرز الإماراتيون بإبداعاتهم الفريدة التي تُجسد الشغف والتميز، وفي ظل الاحتفاء بالإنجازات الوطنية، تظهر قصص مبدعين ومبدعات كرموز للفخر، يبتكرون بطرق غير تقليدية ويحققون إنجازات تُلهم الأجيال، ومن بين هذه الشخصيات الملهمة، وفي رحلة تُبرز شغف الشباب الإماراتي بالرياضات التراثية، حققت المواطنة فاطمة العامري إنجازاً رياضياً غير مسبوق، إذ أصبحت أول إماراتية تقف على ظهر الخيل خلال عرض مسيرة الاتحاد، فلفتت أنظار الحضور والمشاهدين للمسيرة، في مشهد يعكس التراث الإماراتي وروح التحدي.
خلال عرض مسيرة الاتحاد، وقفت فاطمة بفخر واعتزاز على ظهر الخيل وهي تسير بسرعة أمام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، والحضور من القادة والشيوخ، قائلة: «شعرت بسعادة وفخر لا يوصفان عندما رأيت إعجاب الحضور بعرضي، وأظن أن هذه المشاعر كانت واضحة على وجهي منذ دخولي مسار العرض».

فاطمة العامري التي التقت معها «اليوم الإخباري»، شابة إماراتية من أبوظبي، حيث قالت: إن حياتها كانت تتسم بالروتين اليومي الذي تمحور حول المنزل والدراسة والوظيفة، ودرست في جامعة الإمارات بمدينة العين، وحصلت على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد، ثم واصلت مسيرتها الأكاديمية لتحصل على الماجستير في التمويل والمصارف، بعد أن التحقت بالقطاع الحكومي.
وأضافت: «في عام 2019، بعد تخرجي واستقراري في العمل، وجدت نفسي أمام وقت فراغ كبير، حاولت استغلاله بتجربة الرسم، تصميم الأزياء، وبعض المشاريع الصغيرة، إلا أن هذه المحاولات لم تدم طويلاً، وجاءت أزمة كورونا لتكون نقطة تحول حقيقية في حياتي فكان عمري حينها 28 عاماً، وقررت أن أغير نمط حياتي جذرياً». وقالت: «اخترت ركوب الخيل كهواية جديدة، وأصبح هذا المجال متنفسي المثالي، حيث واجهت فيه تحديات مع كل مرحلة، ما زاد شغفي لتطوير مهاراتي، ولم أكتفِ بالفروسية، بل وسعت آفاقي لأدخل عالم ركوب الهجن، لأصبح أول إماراتية تشارك في سباق دولي خارج الدولة، ضمن كأس ولي العهد في السعودية، وهي خطوة تعكس شجاعتي وإصراري على ترك بصمة مميزة في هذا المجال».
وتعدّ فاطمة العامري أحد أبرز الخيّالة في الإمارات، حيث استطاعت أن تترك بصمة تاريخية من خلال مشاركتها في حفل مسيرة الاتحاد 53، لتكون أول خيّالة تقف على ظهر الخيل في هذا العرض المهيب.

من الشغف إلى الإنجاز
أوضحت فاطمة أنها بدأت رحلتها في عالم الفروسية تحت إشراف المدربة سارة جمال، حيث أسست مهاراتها في هذا المجال وتدربت بشكل مكثف في إسطبل «أثر» في منطقة الوثبة، «وبعد أن اكتسبت الخبرة الأولية، انتقلت لتطوير مهاراتي في الاستعراض بالخيل تحت إشراف المدرب العالمي علي العامري من إسطبل رحّال، بالإضافة إلى المدرب سُهيل العامري من إسطبلات بوذيب».
وعبرت فاطمة عن شكرها العميق للمدربين الذين أسهموا في تجهيزها للمشاركة في هذا الحدث التاريخي، مؤكدةً أن لهما الفضل في تقديمها وتحضيرها للمشاركة في مسيرة الاتحاد.
تحديات
قالت فاطمة العامري، إنها بدأت رحلتها مع ركوب الخيل عام 2021 خلال أزمة كورونا، وقالت: «كان ركوب الخيل هو البداية، لكن شغفي دفعني للبحث عن تحديات جديدة في المجال، عندما قررت البحث عن نشاط رياضي صحي وممتع يخرجني من الروتين الذي فرضه الحجر». وأضافت: أن «التحدي الأكبر كان ترويض الخيل لتحقيق الأداء المطلوب، حيث كرست وقتي بالكامل للتدريب، ما دفعني لأخذ إجازة من عملي للتفرغ للتدريبات، فالالتزام والحضور اليومي للتدريبات منحني الثقة والسيطرة على أي مواقف صعبة».
وأوضحت أن «من إحدى أهم صفات الفارس الحقيقي، الإقدام والشجاعة وعدم الخوف وفهم الفارس لطباع وتصرفات الخيل، وهذا النوع من الرياضة يتطلب من الفارس أن يعطي جهداً مضاعفاً ووقتاً أكثر للتدريب، ومن أجل السلامة يجب التعلم على يد مدرب محترف».
دعم المرأة الإماراتية
تؤكد فاطمة أن «الإماراتيات محظوظات بالدعم الذي يحظين به في جميع المجالات، بما في ذلك الرياضات التراثية، لدينا قدوة عظيمة في صاحبات السمو، اللوائي يلهمن النساء الإماراتيات لدخول هذا المجال بقوة».
وأضافت أنها تدعو الفتيات الإماراتيات لتعلم المهارات الأخرى المرتبطة بالخيل، مثل الرماية والتقاط الأوتاد، مؤكدة أن «هذه المهارات تعكس أصالة التراث الإماراتي والتطلعات المستقبلية»، مشيرة إلى أنها تطمح إلى نشر الرياضات التراثية المرتبطة بالخيل بين الشباب والفتيات على حد سواء، مؤكدة أهمية الاستمرار في التدريب وتطوير المهارات لتحقيق المزيد من الإنجازات.
وتوجه رسالتها للشباب، قائلة: «لا تستسلموا للإحباط أو الخوف، ركزوا على تطوير أنفسكم، واستثمروا شغفكم لتحققوا أحلامكم، فالخوف هو العدو الأول لأي إنجاز، فقد كنت من قبل سنة أتعرض للمضايقة على طريقة ركوبي للخيل من قبل بعض الأشخاص في هذا المجال، لكنني لم أستسلم، وقررت أن أكمل طريقي، وخلقت الفرص لنفسي، فبحثت عن مجالات أخرى، مثل تعلم الرماية من على الخيل، ولقبت ب(فارسة الإمارات) بشهادة الجميع».
خطط مستقبلية
تقول فاطمة العامري عن خططها المستقبلية، إنها تحرص على الالتزام الكامل بتدريباتها الخاصة برياضة استعراض الخيل، مؤكدة أنها تعمل مع مدربها على تكوين فريق من الفتيات لتطوير هذه المهارة، «وأسعى مع مدربي لتكوين فريق من البنات لمهارة الاستعراض بالخيل أولاً، وبالطبع، ستكون هناك جاهزية وفرص للمشاركة داخل الدولة وخارجها».
وقالت: إن خططها المستقبلية تتضمن مشاريع طموحة، منها نيتها في امتلاك «جمل» خاص بها ضمن مشروعها الذي يركز على تكثيف مدارس ركوب الهجن، وأن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز الرياضات المرتبطة بالهجن، وتوسيع نطاقها، ثم افتتاح مشروعها الخاص في مجال الملابس الرياضية، الذي يهدف إلى تقديم تصاميم مبتكرة تجمع بين الراحة والأناقة، لتلبية احتياجات عشاق الرياضة.