حوار: رائد برقاوي
أكد الدكتور عبد الرحمن بن عبد المنان العور، وزير الموارد البشرية والتوطين - وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة، أن إلغاء اختبار «إمسات»، جاء بعدما تحول الاختبار من نموذج لقياس تطور وحاجات الطالب المقبل على المرحلة الجامعية، ليصبح أداة تم استخدامها كمعيار لقبول الطلبة في الجامعات، وبالتالي تقييد دخولهم إلى المرحلة الجامعية، مشيراً إلى أن الإمارات تريد تمكين الطلبة والجامعات وسوق العمل معاً، من خلال آليات تقيس أثر المنهاج التعليمي لدى كل طالب على المجتمع عامة.
وقال الوزير في حوار مع «اليوم الإخباري»، إننا ننطلق من الهدف الرئيسي لنظام التعليم العالي في دولة الإمارات، ألا وهو أن يكون شريكاً في تطوير مهارات الطلاب، إلى جانب المجتمع وقطاعات الأعمال المختلفة، لتأهيل الطلبة إلى سوق العمل، والمساهمة في النمو الاقتصادي القوي للدولة، من خلال تعزيز تنافسية وقدرات الطالب وإنتاجيته.
وفي هذا السياق، كشف الوزير العور بأن نسبة كبيرة من الباحثين عن عمل المسجلين في برنامج «نافس» لا يحملون شهادة التعليم العالي، وإنما يحملون شهادة ثانوية فقط.
وقال الوزير إن برنامج «نافس» هو نظام مبني على تعزيز التنافسية بين الطلاب والكوادر الوطنية، وإيجاد فرص عمل لهم في القطاع الخاص. وتمكنا من خلق فرص للعديد منهم من خلال فتح مسارات تعليمية تتناسب مع الاحتياجات الملحة لسوق العمل في الإمارات.
وأوضح الوزير أنه في السابق، كانت الرؤية هي وضع معايير محددة لتأهيل الطلاب في التعليم العالي، وتغيرت اليوم، وينبغي العمل على تحسين وتطوير نظامنا التعليمي والتعليم العالي من مدارس وجامعات ومعاهد ومؤسسات تعليمية بهدف الارتقاء بقدرات طلابنا في الجوانب المهنية والفنية والتطبيقات العملية.
وأشار الوزير إلى أن منظومة التعليم متكاملة، حيث تبدأ من الأسرة والمدرسة والجامعة والقطاع الخاص، وهي جميعها تندرج في خدمة الطلاب وتأهيلهم وتطوير مستواهم للوصول إلى النوعية الجيدة على حساب العدد.
وأشار الوزير إلى أن «نظامنا التعليمي مطالب اليوم بوضع الحلول الفاعلة للتحديات التي تواجهنا اليوم، ورسم ملامح المستقبل وقياس الأثر الإيجابي له».
وعن تطلعات حكومة دولة الإمارات، وأهدافها الكبيرة على صعيد النمو واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ومضاعفتها إلى 2.2 تريليون درهم في 2031، أشار العور إلى أن هذا التحدي يتطلب تعاوناً وثيقاً وشراكات مهمة بين نظام تعليمنا العالي، والقطاع الخاص في الدولة لجذب مزيد من الاستثمارات بهذا الشأن، وتحسين مخرجات نظامنا التعليمي بما يلبي متطلبات المرحلة بكوادر على كفاءة عالية.
وقال: «اليوم، يبلغ عدد الملتحقين بالقطاع الخاص من المواطنين الإماراتيين أكثر من 116 ألف مواطن، وهو إنجاز تاريخي غير مسبوق، ونموذج ناجح ينبغي التعلم منه. ويتوجب علينا الاستثمار في قطاعات وأنشطة اقتصادية واعدة، كالصحة والتكنولوجيا والتعليم وغيرها من المجالات الأخرى، من أجل تحقيق إنتاجية عالية جداً بالنسبة للموظف، حيث إن الإنتاجية والتكنولوجيا مرتبطتان بشكل وثيق جداً. ولدينا من الكفاءات الوطنية الكثير من الأمثلة التي ترفد سوق العمل في القطاع الخاص».
وخلص الوزير إلى أن برنامج «نافس» استراتيجي ومهمته تعزيز تنافسية الموطنين ودورهم للالتحاق بسوق العمل والقطاع الخاص، ولا بد من استكمال المنظومة المتكاملة من خلال إيجاد شراكة حقيقية بين المدرسة والجامعة ونظامنا التعليمي من جهة، وبين سوق العمل وشركات القطاع الخاص لتبني الطلاب المواطنين من على مقاعد الدراسة. وتالياً نص الحوار:
بصفتك وزيراً للتعلم العالي بالإنابة.. إلغاء اختبار الإمسات خطوة استقبلها الطلبة والأهالي بترحاب لأنه كان يشكل عقبة للقبول الجامعي، فهل متطلبات ما بعد إلغاء الإمسات ستنهي هذه العقبة؟ ولتحدثنا عن المعايير الجديدة للقبول في الجامعات، بعد إلغاء الاختبار؟
* تم تحديث معايير للقبول في الجامعات، حيث ستمنح الجامعات مسؤولية ومرونة أكبر في تحديد معايير القبول، بما يمكنهم استقطاب الطلبة الذين لم يحققوا شرط اللغة الإنجليزية من خلال تسجيلهم في مساقات تؤهلهم للوصول للكفاءة المطلوبة، كما ستتاح للجامعات إمكانية قبول الطلبة وتسجيلهم في مواد استدراكية تخصصية في حال عدم حصولهم على الدرجة المطلوبة في المواد المطلوبة لدراسة التخصص، بما يتماشى مع تطلعاتهم الأكاديمية، ويمنح جميع الطلبة فرصة مواصلة تحصيلهم الأكاديمي في مرحلة التعليم العالي من خلال برامج البكالوريوس أو الدبلوم العالي أو الدبلوم أو برامج شهادات المهارات.
والجدير بالذكر أن اختبار الإمارات القياسي - «إمسات» تم تطويره في مرحلة سابقة، لإجراء تحسينات مطلوبة على النظام التعليمي، وأن يكون اختباراً لكل طالب يريد أن يعرف إمكاناته لتعزيزها في مرحلة الجامعة، واكتساب المزيد من المعرفة، لكنه «للأسف أصبح أداة تحدد معايير القبول في التعليم العالي، وتحول إلى عقبة تحول دون دخول عدد كبير من الطلاب إلى الجامعات».
إن عدم حصول نسبة كبيرة من الطلبة على فرص تعليمية متناسبة مع النظام الجامعي، سيفقدهم الكثير من المهارات التي تؤهلهم للالتحاق بسوق العمل. كذلك ستفتقد الدولة لتلك المهارات المطلوبة كمتطلبات أساسية وضرورية لكسب فرصة عمل في القطاع الخاص، الأمر الذي سيخلق فجوة بين مدخلات ومخرجات سوق العمل.
تطوير القدرات
هل هناك من معايير ونظم جديدة على الجامعات أن توفرها لتطوير نظامها التعليمي بما يعزز من دورها في سوق العمل بكوادر مؤهلة ضمن مستويات متعددة؟
* دورنا في الوزارة، خلق مسارات تعليمية متوازنة، بشكل يضمن تعزيز مرونة التعليم الجامعي لفترة طويلة الأمد، ورفد سوق العمل المحلي بكوادر وطنية مدربة ومؤهلة.
نحن بحاجة إلى التعلم يومياً وبشكل مستمر، وتطوير قدرات مؤسساتنا ومعاهدنا، بما يتناسب مع الأتمتة والتطور التكنولوجي الهائل واستخدامات الذكاء الاصطناعي، وكذلك خلق شراكات بين مؤسساتنا التعليمية والقطاع الخاص، وذلك لتأهيل طلابنا فنياً ومهنياً بحيث يتمكنون من الالتحاق بسوق العمل بما يتناسب مع تطلعاتهم وتعزيز تنافسيتهم.
هل لنا التعرف إلى المواد الاستدراكية التخصصية التي سيتم تسجيل الطلبة فيها في حال عدم حصولهم على الدرجة المطلوبة في المواد المطلوبة لدراسة التخصص؟
* تتنوع المواد الاستدراكية بحسب التخصص الجامعي الذي سيختاره الطالب، ومتطلبات الجامعة للبرنامج الدراسي وغيرها من المحددات. مثلاً يمكن أن تكون مادة الأحياء إحدى المواد الاستدراكية لتخصص الطب، في حال لم يحقق الطالب درجة المادة المطلوبة في الثانوية العامة، وستكون هناك مرونة للجامعات، لتحديد المواد الاستدراكية بحسب التخصص ومستوى المؤهل.
درجات المواد العلمية
الطلبة الراغبون في الالتحاق بالتخصصات الطبية والهندسية يتطلعون إلى التعرف بشكل تفصيلي إلى درجة المواد العلمية المرتبطة بالتخصص عوضاً عن التركيز على النسبة الإجمالية للصف الثاني عشر، ما هي هذه المواد؟
* سيتم تقديم مبادئ إرشادية لمعايير القبول حسب التخصص لمؤسسات التعليم، أمثلة على ذلك
الطب: درجة مواد الثانوية العامة: مثلاً في الرياضيات ومادتين من المواد الآتية: الكيمياء/الأحياء/الفيزياء
الهندسة: درجة مواد الثانوية العامة: مثلاً في الرياضيات والفيزياء وإحدى المادتين الآتيتين: الكيمياء/الأحياء
هل ستكون اشتراطات القبول في كل جامعة مختلفة عن الأخرى، أم ستكون موحدة لجميع الجامعات؟
* نعم ستكون هناك مرونة واستقلالية لكل جامعة، لتحديد شروط القبول بناء على مستوى المؤهلات والتخصصات التي تطرحها، ولذلك ندعو الطلبة وأولياء الأمور للتواصل مع الجامعات التي يودون الدراسة بها للتعرف إلى شروط القبول من قبل هذه الجامعات.
تأثير الإلغاء
ما هو تأثير إلغاء اختبار الإمسات على طلبة المنهاج الأمريكي، خاصة أنه أصبح يطلب منهم التقديم لاختبارات معيارية بديلة لاختبار الإمسات، مثل اختبار السات لمادة الرياضيات والتوفل لمادة اللغة الانجليزية؟
* اشتراطات القبول ومنها الاختبارات المعيارية وغيرها من اختبارات تقييم المستوى والقبول ستحددها الجامعات، ويمكن تطبيقها على خريجي المدارس الثانوية وفقاً لكل جامعة إضافة إلى إمكانية تطبيق اختبارات قبول داخلية في الجامعات أو غيرها من معايير القبول لتحديد مستوى الطلبة المتقدمين.
في ضوء إلغاء اختبار الإمسات هل سيتم رفع معدلات الثانوية للقبول في الجامعات بالذات التخصصات العلمية؟
* تم إرشاد الجامعات إلى عدم استخدام المعدل العام بالثانوية العامة، والتوجه إلى تحديد معايير قبول ترتبط بدرجات المواد التي ترتبط بالتخصص الجامعي الذي يرغب الطلبة المتقدمون بدراسته، فعلى سبيل المثال درجات مواد الرياضيات والفيزياء لتخصصات الهندسية وغيرها من معايير القبول التي ترى الجامعة مناسبتها، لتحديد قبول الطلبة في التخصصات والبرامج التي تطرحها.
الجامعات المعتمدة
مسألة الجامعات المعتمدة ما زالت تشكل قضية محورية للطلبة فبعضهم يدرس في جامعات لا يدركون أنها غير معتمدة.. كيف يعالج ذلك؟
* وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تقوم بالتعاون مع جميع جهات التعليم المحلية التي ترخص الجامعات على المستوى المحلي لضمان أن تتقدم هذه الجامعات لترخيص واعتماد الوزارة. إضافة إلى أن الوزارة في صدد وضع منظومة مطورة، لتسهيل ترخيص واعتماد مؤسسات التعليم العالي في الدولة ما يسمح باعتماد جميع الجامعات العاملة في الدولة بشكل سلس ومرن، وندعو الطلبة إلى التأكد من ترخيص مؤسسات التعليم العالي من خلال زيارة الموقع الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
الابتعاث الأكاديمي
موضوع الابتعاث الأكاديمي مفتوح لطلبة الإمارات من أكثر من جهة في الدولة.. هل تلمسون أي إضافة من جهة هؤلاء الطلبة عند عودتهم إلى سوق العمل المحلي؟
* تعمل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على تطوير منظومة الابتعاث بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة، لربط التخصصات التي يتم الابتعاث لها باحتياجات سوق العمل في الدولة وبالتالي سيركز البرنامج على الاستثمار في الطالب خلال مسيرته الدراسية، للارتقاء بمستوى المهارات المهنية والعلمية، والتي ستشكل عائداً كبيراً على الدولة.
إن الطالب مسؤولية الجميع، ونعمل جاهدين بروح الفريق الواحد من خلال المبادرات والشراكات المتنوعة، ونسعى إلى تهيئة الطالب خلال فترة الدراسة لبناء قدراته المهنية بما يتناسب مع سوق العمل.
لاقت مبادرات تنظيم الجولات الترويجية roadshows بالتعاون مع القطاع الخاص إقبالاً ملحوظاً لاستقطاب الطلبة خلال فترة دراستهم.
نجاحات ملموسة
بصفتك وزيراً للموارد البشرية والتوطين.. موضوع نافس حقق نجاحات ملموسة، لكن المشكلة الحقيقية التي تواجه القطاع الخاص أن المقبلين على العمل فيه يريدون أن يفصلوا طريقة العمل وساعاته حسب أقرانهم في الحكومة، ما يحدث هو نوع من عدم الانسجام بين جهة العمل والباحث عن عمل؟
* التوطين في القطاع الخاص لا ينحصر بمجرد عملية توظيف بمعنى تأمين فرص عمل للمواطنين، إنما هو مساهمة فعلية ومشاركة فعالة للمواطنين في الاقتصاد الوطني عبر نوعيات الوظائف المستهدفة والتي ترتبط بالاستراتيجيات والأولويات الاقتصادية للدولة وخططها الاقتصادية الطموحة التي أساسها وعمادها الرئيسي الكادر المواطن القادر على قيادة المرحلة المقبلة وتعزيز التنمية المستدامة في الدولة.
وقد حققت سياسات التوطين إلى الآن نتائج تاريخية استثنائية غير مسبوقة، حيث وصل عدد المواطنين في القطاع الخاص إلى أكثر من 116 ألف مواطن يعملون في 22 ألف شركة، تشمل مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وهو الأمر الذي سيتعزز مع انتهاء مهلة مستهدفات التوطين مع نهاية العام الجاري، سواء للشركات التي يعمل لديها 50 موظفاً فأكثر من خلال تحقيق نمو سنوي بنسبة 2% في توطين وظائفها المهارية أو لدى الشركات المحددة المشمولة بتوسيع مستهدفات التوطين، والتي لديها من 21 – 49 عاملاً، وتحقيق التزاماتها بتوظيف مواطن واحد على الأقل حتى نهاية العام، والتي يبلغ عددها نحو 12 ألف منشأة مختارة ومحددة تعمل في 14 نشاطاً اقتصادياً مستهدفاً.
كل تلك المؤشرات وأعداد المواطنين العاملين في القطاع الخاص، والمواطنين المقبلين على العمل، فضلاً عمّا تشهده الأيام المفتوحة للتوظيف التي تنظمها الوزارة من إقبال من قبل المواطنين، تؤكد وعي المواطنين بأهمية وجودهم في القطاع الخاص، والفرص المستقبلية المتاحة لهم، وتغير نظرتهم إلى العمل في هذا القطاع الحيوي والمهم.
مقترحات جديدة
هل لديكم أي مقترحات جديدة لزيادة جاذبية المواطنين للعمل في القطاع الخاص؟
* هنا لا ننكر واقع زيادة جاذبية وظائف القطاع الحكومي للمواطنين إلا أننا عملنا على تقليص فجوة الوظائف عبر تقديم امتيازات إضافية للمواطنين العاملين في القطاع الخاص وتعزيز جاذبية وظائف القطاع الخاص عبر العديد من المبادرات والشراكات، والتي في أولويتها الامتيازات التي يقدمها برنامج نافس من دعم لأجور المواطنين العاملين في القطاع الخاص، والتعويضات الخاصة بأفراد الأسرة، وفقاً لمستوى دخل المواطن، والمساهمة في تسجيل المواطنين ضمن أنظمة التأمينات والمعاشات، فضلاً عن منح المواطنين العاملين بالقطاع الخاص الأولوية في الإسكان، عبر إضافة نقاط تفضيلية لهم، وكذلك بالنسبة للأولوية في وظائف القطاع الاتحادي بعد مرور ثلاث سنوات على التزام المواطنين بالعمل في القطاع الخاص.
وأشير هنا إلى أن قانون العمل الموحد في الدولة قلص إلى حد كبير فروق العمل بين القطاع الحكومي والخاص من خلال توحيد الإجازات الرسمية وساعات العمل، وغير ذلك من الامتيازات.
وأوضح هنا أنه يتم التركيز على طبيعة وظائف القطاع الخاص المحددة للمواطنين، بوصفها الأساس في تعزيز جاذبية وظائف القطاع الخاص، من خلال التركيز على الوظائف المهارية، التي تحقق شروط الارتقاء الوظيفي، وإثبات الذات، ناهيك عن واقع تنظيم سوق العمل والشروط والضوابط التي تحكم ساعات العمل والإجازات في القطاع الخاص، وبيئة العمل، ومستويات الصحة والسلامة وغيرها، والتي تحقق نسب التزام رائدة، وتحظى بالأولوية لدى قطاع التفتيش في الوزارة، ما عزز من جاذبية وظائف القطاع الخاص للمواطنين.
السياسات الحكومية
هل من سياسات حكومية جديدة لتحسين إنتاجية الموظفين سواء بالحوافز أو توظيف التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي؟
* أن السياسات الحكومية في المستقبل، ستكون أكثر ارتباطاً بمدى إنتاجية الموظف مع الحوافز المقدمة له من قبل المؤسسة أو الشركة أو الوزارة أو الجهة الحكومية، ودخول مثل هذه المنظومة مستقبلاً في النظام التعليمي والجامعي، يساعد بشكل كبير على الوصول إلى مستهدفات جذب 1.3 تريليون درهم من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. العالم من حولنا يتغير سريعاً، والوظائف تتبدل وتستحدث وتتغير، وأصبحت تكنولوجية ورقمية وسريعة. ونحن في الوزارة نتبنى أحدث التقنيات والذكاء الاصطناعي لتسهيل سرعة إنجاز المعاملات والخدمات، والتخفيف من حجم الضغط الكبير الذي يواجهه موظفو الوزارة. كما أن تبنينا لهذه التقنيات ساهم في قيامنا بإعادة توزيع مواردنا البشرية في المهام التي تتطلب رقابة بشرية، وبالتالي رفع كفاءة موظفينا الإنتاجية، حيث مع كل مليون معاملة يتم تنفيذها باستخدام التقنيات الحديثة والأتمتة والذكاء الاصطناعي، يتم إعادة توجيه 15 موظفاً من موظفينا لأداء مهام تتطلب إشرافاً بشرياً. مع العلم، أن الوزارة تتعامل مع 100 ألف معاملة يومياً.
متطلبات سوق العمل
بصفتك وزيراً لوزارتين ترتبطان بمخرجات التعليم وسوق العمل، هل تراجعون احتياجات سوق العمل بشكل دوري لتحديث التخصصات الجامعية؟
* أود أن أشير هنا إلى المستوى الأكاديمي الرائد في الدولة، وجودة مخرجات الجامعات والكليات، التي زادت من جاذبية المواطنين ومستوى تنافسيتهم للعمل في القطاع الخاص، وبالتالي حصولهم على وظائف وامتيازات كبيرة، كما عملت الوزارة على إغلاق فجوة المهارات عبر برامج التدريب النوعية، وجلسات التوعية، والجهود المشتركة بين وزارة الموارد البشرية والتوطين ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، للتوفيق بين التخصصات الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل المستقبلية للدولة.
ولذلك فإن تقليص فجوة الامتيازات والمهارات والمستوى الريادي لتنظيم سوق العمل في الدولة، عزز جاذبية وظائف القطاع الخاص للمواطنين ووعيهم بقدراتهم بالتوازي مع وعي الشركات بأهمية وتنافسية الكوادر الوطنية، وبالتالي منحها فرصاً حقيقية وتنافسية للتوظيف.
برنامج وطني
يكثر الحديث عن «نافس» وأنه قد يصار إلى تطويره بشكل يحول كل ما يوفره من مزايا للمواطنين على القطاع الخاص نفسه.. هل هذا صحيح؟
* في هذا الجانب لا بد من التعريف بأن برنامج «نافس» الذي تم إطلاقه في عام 2021، هو برنامج وطني يهدف إلى رفع الكفاءة التنافسية للكوادر الإماراتية، وتمكينها من شغل وظائف مختلفة في القطاع الخاص في الدولة، ويندرج تحت مظلّة ومبادرات مشاريع الخمسين التي تهدف بشكلٍ أساسيّ إلى تحقيق نقلة نوعية في المسار التنموي في الدولة، وقد تمكن البرنامج من تحقيق نقلة نوعية في أعداد المواطنين العاملين بالقطاع الخاص، حيث بلغ عدد المواطنين المعينين في القطاع الخاص 81 ألف مواطن بعد إطلاق برنامج نافس من إجمالي 116 ألف مواطن يعملون في شركات القطاع الخاص.
ولذلك فإن ملف التوطين في القطاع الخاص يمضي بثبات وفق خطة ومسيرة واضحة، تستهدف إزالة العقبات أمام توظيف المواطنين وتقديم الدعم للشركات الملتزمة، والدفع بعجلة التوطين إلى الأمام، ومنح فرصة للشركات للتعرف إلى واقع تنافسية المواطنين ومستوى كفاءتهم، وإزالة ما يسمى بحواجز الخبرة، عبر دعم الشركات بالعديد من الميزات، وتعزيز تنافسية وظائف القطاع الخاص بدعم أجور المواطنين، في مرحلة الحصول على الخبرة.
وما أود الإشارة إليه هو إن المواطنين العاملين في القطاع الخاص يحصلون على الدعم الحكومي، غير أنه بمثابة دعم وتسهيل على الشركات، وهي ليست امتيازات خاصة إضافية للمواطنين، إنما تصحيح لأوضاعهم، وجميعها تعد من واجبات الشركات تجاه موظفيها.
زيادة القدرة التنافسية
هناك فرق بين إلزام القطاع الخاص بتوظيف المواطنين وبين استقطابهم من قبله، هل من سياسات حكومية لتمكين هذا القطاع ليصبح جاذباً للعمل بدل إلزامه بالتعيين؟
* كما ذكرت سابقاً، عملية التوطين ليست عبارة عن عملية توظيف وتوزيع للمواطنين في سوق العمل، إنما عملية تمكين متكاملة، فأهم أهداف برنامج نافس هو الارتقاء بمنظومة التنمية البشرية الإماراتية، وإعداد رأس مال بشري إماراتي منتج ومستدام في القطاع الخاص، لتحقيق أهداف المشاركة الاقتصادية الفاعلة للمواطنين الإماراتيين، بما يدعم اقتصاد الدولة، وبناء شراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتمكين القطاع الخاص، بحيث يكون محركاً رئيسياً في المسيرة التنموية للإمارات، إضافة إلى زيادة القدرة التنافسية للقوى العاملة الإماراتية، وإرساء الأسس لتمكين المواطنين من شغل الوظائف في القطاع الخاص خلال مدة خمس سنوات كمرحلة أولى من تاريخ إطلاقه، من خلال تقديم التوجيه والتدريب المهني وخدمات الإرشاد والمشورة للمشاركين في البرنامج، في سبيل تعزيز عملية استقطاب العمالة للقطاع الخاص.
ومن الطبيعي أن تصبح علاقة العمل طبيعية بين المواطن وشركات القطاع الخاص، وأن تتحمل شركات القطاع الخاص التزاماتها تجاه المواطنين أسوة ببقية العاملين، خصوصاً أنهم يقدمون قيمة مضافة للشركات، التي تمكنت من اختبارهم، والتأكد من اندماجهم في بيئة عمل خلال مدة الدعم، حيث من الممكن انتقال المواطن إلى شركات أخرى تقدم مزايا أفضل أو غيره بعد حصوله على الخبرة والتطور الوظيفي بناء على تنافسيته وخبرته العملية من دون اللجوء إلى «نافس» ليستمر نافس في دعم الموظفين الجدد.
تجنب الغرامات
أغلب مؤسسات القطاع الخاص جادة في تعيين المواطنين لتجنب الغرامات.. لكن أحياناً لا تجد مواطنين يرضون بطريقة عملها.. كيف يمكن حل هذه الإشكالية؟
* اعتمدت وزارة الموارد البشرية والتوطين منهجية الشراكة في علاقتها مع القطاع الخاص، خصوصاً في عملية التوطين، وخلال مرحلة إطلاق مستهدفات التوطين السنوية، وعملت على تنظيم العديد من اللقاءات وورش العمل لشركات القطاع الخاص لإطلاعها على المنافع والمزايا طويلة الأمد التي تعود عليها جراء توظيف الكادر المواطن، وأصحاب التخصصات من المواطنين الخريجين من أرفع الجامعات والكليات صاحبة السمعة الرائدة عالمياً.
وأؤكد إنه لم يكن لواقع ملف التوطين أن يحقق هذا النجاح المبهر، لولا قناعة الشركات بواقع كفاءة المواطنين وتنافسيتهم في سوق العمل.
وبالنسبة لواقع وطبيعة أعمال الشركات، فقد تم اختيار الوظائف بناء على دراسات واقعية وبيانات حقيقية عن طبيعة تخصصات المواطنين، بالتوازي مع القطاعات الاقتصادية المستهدفة ذات الأولوية الاقتصادية للدولة في المرحلة المقبلة، والتي تعزز الابتكار والتنافسية، وتدعم مسيرة الدولة للانتقال للاقتصاد المعرفي، وأن تكون ضمن أكثر ثلاث دول نمواً اقتصادياً في العالم.
قلصنا مدد إنجاز خدمات من أيام إلى دقائق
رداً على سؤال عن تأخر إنجاز المعاملات في وزارة الموارد البشرية، وهل هو حقيقي أم مصطنع من قبل المكاتب الوسيطة، بهدف شرعنة وجودها رغم التطور التقني، قال الوزير الدكتور عبد الرحمن بن عبد المنان العور، إن وزارة الموارد البشرية والتوطين تتبنى استراتيجية التحول الرقمي في الخدمات، وعززت الذكاء الاصطناعي في خدماتها، كما يتم العمل حالياً على تقليص مدة إنجاز المعاملات والتكامل بين الجهات لتقليص المتطلبات، ضمن برنامج تصفير البيروقراطية الحكومية، والذي نجح في تحويل العديد من الخدمات التي كانت تحتاج إلى أيام إلى آنية يتم اعتمادها خلال دقائق، وقلص مدد إنجاز العديد من الخدمات الأخرى إلى يوم واحد أو أيام بمستويات لا تقل عن 80%، كما وصلت نسب تقليص متطلبات بعض الخدمات إلى 100%، إضافة لإطلاق جميع الخدمات بصيغتها الذكية، وبالتالي يتم تقديمها في أي مكان وعلى مدار اليوم. وبحسب الوزير فيمكن للمتعاملين الاطلاع على مدة الإنجاز المتوقعة لأي خدمة، والتواصل مع الوزارة وتسجيل الاقتراحات والملاحظات التي تتم دراستها بعناية، وأؤكد هنا أن تطلعات وآراء المتعاملين كانت أساساً لأولوية تحويل الخدمات وتعديلها.
وقال: «أعتقد أن غالبية عوامل التأخير تعود إلى عدم وضوح البيانات المقدّمة، أو نقصها وهي الحالات الوحيدة التي يمكن أن تعود فيها المعاملة للاستكمال، ويمكن للمتعاملين تقديم معاملاتهم والاطلاع على وضعها وسيرها عبر منصات الوزارة. ولذلك فيمكن أن يبرر عدد من العاملين في المراكز أخطاءهم في البيانات أمام المتعاملين بتأخر المعاملة في الوزارة، وقد أعلنت الوزارة مراراً عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي جهودها لتسهيل وتسريع المعاملات، وخصوصاً عبر باقات الخدمات التي تشمل غالبية معاملات الشركات والعمال والعمالة المساعدة، ويتم تقديمها بسرعة وكفاءة عالية، وتحقق مستوى الريادة في المعاملات الحكومية، والتجربة السعيدة لزيارات العملاء ورحلاتهم مع خدمات الوزارة». وفي ما يتعلق بمراكز الخدمة، أوضح الوزير إنها تعمل تحت رقابة الوزارة ووفق معايير وضوابط محددة وسبق للوزارة أن سحبت تراخيص مراكز نتيجة مخالفتها لهذه الضوابط والمعايير.
التوطين استراتيجية شاملة ومسيرة لن تتوقف
لدى سؤاله عن إعلان الحكومة أن دعم المواطنين الذين يتم تعيينهم عبر «نافس» في القطاع الخاص وحصولهم على رواتب من الحكومة مستمر حتى عام 2026، فماذا بعد ذلك التاريخ؟
قال، وزير الموارد البشرية والتوطين، إن مسيرة التوطين ماضية ولن تتوقف، وتنطلق من رؤية شاملة للمرحلة الاقتصادية المقبلة، وتعزيز التنافسية واستدامة الريادة في الدولة، والتي أساسها الكادر المواطن المؤهل، ولذلك فإن عملية التوطين اليوم ترتبط باستراتيجية شاملة للحكومة تنطلق من الرؤية الاستشرافية الثاقبة للقيادة الرشيدة لمستقبل دولة الإمارات.
وأضاف العور: «لذلك فإن عملية التوطين مستمرة، وتتم مراجعة نتائجها وتحليلها في كل مرحلة، ليتم بناء عليها إصدار القرارات المستقبلية بناء على التوجهات والرؤية الشاملة. فعملية دعم الأجور والحوافز المالية ليست هي الأساس الذي تقوم عليه عملية التوطين، إنما تنطلق من نظرة شاملة أساسها الثقة بإمكانات الكوادر الوطنية وتنافسيتها، والتي ستتيح اندماج المواطنين في وظائف القطاع الخاص، وحصولهم على رواتب مجزية من دون عملية الدعم أسوة بأقرانهم في وظائف القطاع الخاص المعروفة بتنافسيتها في مستوى الأجور عالمياً». وأوضح الوزير أن هذه المرحلة تمثل تحدياً لإعادة الثقة، وتخطي مرحلة النظرة السلبية، وتصحيح واقع التوطين، وإعادة تنظيم سوق العمل بما يسهم في تعزيز جاذبية وظائف القطاع الخاص، وتمكين المواطنين بفاعلية من المساهمة في مسيرة التنمية المستدامة، والناتج القومي للدولة.
وقد أثبت المواطنون تنافسية عالية على مستوى الأعمال، وتحظى الشركات التي يقودها الكادر المواطن بمستوى ريادي عالمي، ضمن مجالات الريادة والابتكار والتحول للاقتصاد المعرفي، فالمواطنون أبناء هذه البيئة التي خبروها جيداً ونشأوا فيها، وحاصلون على تخصصات وخبرات وظيفية عالية، تعد من الأفضل على مستوى العالم، وجميع وسائل الدعم المقدم تؤكد ثقة القيادة بإمكانات المواطنين وتنافسيتهم، ولذلك فإن النظرة إلى واقع التوطين ضمن واقع الدعم لا تصب في الإطار والاستراتيجية الصحيحة وهي نظرة ضيقة.
ولا تنسى الضغط هنا ومتابعة قناتنا على تليجرام
0 تعليق